سعينا في تقاطعات برفقتكم/ن إلى وضع تصور مبدئي لما نعتقدُ أنّها خطوة أساسية في نضالنا النسوي التقاطعي ضد أنظمة القمع واستبداد النساء والمهمشات والمهمشين أجمعين، تصورٌ نعتبره أقرب إلى أن يكون تمريناً جذرياً في الخيال النضالي، يدعونا إلى الوقوف في موقع أبعد من الدفاع الذي يطالب بالعدلِ رداً على الظرف الآني الموجود، بل يتّخذ موقعاً هجومياً من التحليل ويقود عملية التحرر خارج تحديدها بمعطيات اليوم.

 

اليوم ليس جيداً بالنسبة للنساء، كما البارحة، ولنستطيع أن نخلق غداً، مستقبلاً، أفضل – أي مستقبلاً نسوياً _ نرغب في تقديم هذا الطرح الذي يستندُ إلى الخروج الفوري والثوري من القوقعة “الواقعية” ووضع الخيال وفعل التخيّل النسوي في مركز تحركاتنا، نرفض فيه حدود “العادي”، و”الطبيعي” و”المنطقي” هذا الذي حُقن في عقولنا وكأنّه الواقعي الأوحد والأمر الوحيد المُتاح، نقول إنّ المُتاح فعلاً وحقيقةً هو ما نستطيع أن نتخيله، الخيال النسوي هُنا يتحوّل من أحلام وأُمنيات نشاركها في الجلسات النسوية إلى مسودة، أو طبعة زرقاء، نسعى لها ونعمل للوصول إليها، لا، أبداً، القتل ليس عادياً، الاستغلال ليس منطقياً، والتحرش ليس طبيعياً.

 

تسلب الرأسمالية والذكورية والاحتلال والاستعمار والطبقية قدرتنا على التخيّل الراديكالي، أي أنّ هذه القوى المُستبدة والمُهيمنة تهيمن على العقل أيضاً وتراه ساحة قتل واستبداد جديدة، نُحرم كنساء وكرافضات ورافضين للمعيارية ومُستعَمرين ومُستعمَرات وفقيرات وفقراء من تخيّل شكل حياتنا التي نريدها خارج حدود المسموح مِن قبل القوى المهيمنة، إذ تعمل هذه القوى على فبركة خطاب يدّعي أن التحرر عملية مستحيلة وغير واقعية ويسخر منا لمحاولة إخضاعنا سايكولوجياً وإحباط أي فكرة أو ممارسة قد تؤدي إلى خسارة السلطة المهيمنة لامتيازاتها وقدرتها على إعادة خلق ذاتها مرةً ومرتين فوق أجسادنا

 

يقوم الخيال النسوي على بحثٍ أعمق من مساءلة شكل العالم من حولنا بل يدفعنا إلى التفكير بالشكل الذي يجدر على هذا العالم أن يكون عليه إذاً عندما نشارك خيالاتنا المستقبلية النسوية، فنحن بدايةً نطرح خطاباً جديداً يُعادي ذاك الذي يريد سلبنا أهليتنا وقدرتنا على تصور مكانٍ أفضل، نبُث في خطابنا هذا الذي نكتبهُ ونخطُ حروفنا ونجد صوتنا فيه عالماً جديداً، نستطيع أنّ نتخيّله ونتعمق في تفاصيله ويجعل مما وممن يقمعنا زائلاً، ثانياً، يرسم صورةً وتفاصيلاً لما يمكن أن نكونه ويبني مساحةً ومكاناً لأين يمكن أن نكون. نعتقدُ أن هذان التوجهان من أهم محركات التغيير والدوافع التي تجعل من النضال النسوي الثوري واقعياً أيضاً، أي أننا بخيالنا نمتلك القدرة على تحديد ما شكل العالم الذي نريده، باستعادة المخيلة نحن نستعيد قدرتنا على المقاومة و”التخيّل شيءٌ ثوري جداً ما دام يدفعنا للتفكير بشكلٍ ثوري”. أن نشارك شكل العالم المُتخيّل الذي نسعى إلى صنعه، كمساحة مضادة للذي نعيشه، أمرٌ ثوري بالضرورة، ويستدعي منا جهاداً حقيقياً وجريئاً بالتمسك بمفهوم الأمل الثوري وتغذيته ومسائلته وتركيبه وإعادة تفكيكه والصراخ به بأعلى صوتنا، أن نحوّل المستقبل النسوي من اسمٍ إلى فعلٍ.

 

للمزيد نضع بين أيديكن/م كُتيّب أصوات من المستقبل النسوي

نتمنى لكن/م قراءة ممتعة

كُتيّب أصوات من المستقبل النسوي

لطباعة هذا الملف نرجو التواصل معنا لتزويدكن/م بنسخة ملائمة للطباعة