Home 5 الإنتاج المعرفي 5 إلى خولة دنيا، هذه الرسالة لكِ وللنساء السوريات اللواتي فقدن منازلهن

read in English

إلى خولة دنيا، هذه الرسالة لكِ وللنساء السوريات اللواتي فقدن منازلهن

Mar 7, 2025

اللوحات تزين المنزل، ثلاث لوحات في الصالون. طالما كانت تلك اللوحات المعلقة على الجدران تثير انتباهي، خاصة على جدران المنازل. بالنسبة لي، هذا المشهد يعني الارتباط العميق بالمكان، العلاقة الحميمة التي يخلقها الإنسان مع مسكنه. أفهم جيدًا عمق العلاقة التي تجمع الإنسان بهذه الجدران، تلك التي تخزن الذكريات، وتعبّر عن لحظات لا تُنسى.

أكتب هذه الرسالة من منزلكِ أنتِ وجلال. وأنا جالسة هنا وحدي في الصالون بعد عودتي من سفر قصير، حيث أعطيتني مفتاح منزلِكِ لأمكث فيه. منذ اللحظة الأولى التي دخلت فيها هذا المنزل، شعرت بتلك العلاقة العميقة معه. ألفت جدرانه، غرفه، فناجين القهوة وإبريق الشاي القديم الذي يحمل في طياته ذكريات جميلة.

سألتكِ يا خولة عن إبريق الشاي الجميل المصنوع من البورسلان، عن عمره. أخبرتني أنه قديم، كان من ممتلكاتكِ السابقة قبل أن تُجبري على ترك منزلكِ في 2011، ومن ثم تُجبرين أنتِ وجلال على اللجوء خارج سوريا، هربًا من بطش النظام الأسدي الذي عانيتم منه سابقًا واعتقلتم لعدة فترات طويلة.

تعرفت إليكِ في غازي عنتاب، حيث جمعنا العمل والنشاطات والأفكار والأهداف المشتركة. كانت علاقتنا وثيقة، كما جمعتنا جلسات القهوة والمناقشات حول كل شيء، بالإضافة إلى الأطباق السورية المتنوعة مثل المليحي، وفتة المكدوس، والمعجنات. كانت هناك الكثير من اللحظات المميزة بيننا، لكنني لم أكن أتصور يومًا أن تجمعنا لحظات أخرى في دمشق، في منزلكِ، على تلك الكنبة الحمراء المخططة، في منزل واسع حميم، وأنا هنا الآن أحاول جمع الكلمات للتعبير عن مشاعري.

 زرت منزلي في الحجر الأسود، ذلك المنزل الذي بلا أبواب أو شبابيك، بحيطانه المشققة والمدمرة والباردة. منزل بلا معالم، بلا ذكريات، سوى بعض الصور والألبسة المرمية هنا وهناك. رؤية منزلي بهذا الشكل كانت مثقلة بالمشاعر، كلما نظرت إلى زاوية، حاولت عبثًا تذكر بعض ملامحه، ولكنني عجزت أمام هذا المشهد. كان منزلي بلا روح، بلا ذكريات. ولكن بالرغم من كل ما خسرناه، واحدة من مكتسبات الثورة وانتصارها هي أننا وجدنا العوض في صداقاتنا. هُدمت منازلنا، لكننا عدنا إلى هذا البلد، لمنازل أصدقائنا التي جمعتنا بهم الثورة.

خرجت من زيارة الحجر الأسود وأنا منهكة، مكتئبة، عائدة من بقايا منزل، ليحتضنني منزلكِ، احتضنني بشدة وكأنه يعرفني منذ سنوات طويلة.

إلى كل النساء السوريات اللواتي فقدن منازلهن وأحبائهن وذكرياتهن، ربما تجدن بعض العوض في صداقاتكن. احتفظن بهن وبذكرياتهن.

آلاء محمد 

سوريا

We´d love to meet you in person or online

Join us