كنتنَّ وما زلتنَّ جزءًا كبيرًا من ذاكرتي وحديثي ومخيلتي. ترافقن أفكاري دائمًا، ويملؤني الشعور بالرغبة في التواصل المباشر معكنَّ، لأخبركنَّ بما يحدث في الخارج، وكيف نناضل من أجلكن، محاولاتٍ كسر تلك الأبواب والقوالب. يراودني تساؤل: هل تسمعننا؟ هل تشعرن بما نكتب؟ أم تظنن أننا بعيدات عنكن؟
لكنني أشعر أنكنَّ تسمعن وتدركن ما نقول، حتى لو لم تملكن القدرة على الرد أو التعبير. أنا أقدر وضعكنَّ، حتى لو كان صمتكنَّ هو اللغة الوحيدة التي تستطعن استخدامها الآن.
هذا الصمت ليس ضعفًا، بل هو انتظار، هو ترقب للحظة المناسبة التي ستعلو فيها أصواتكنَّ، لحظة ستنكسر فيها الأغلال، وسينكسر معها هذا القيد الذي فرض عليكنَّ عبر أجيال طويلة. اعلمنَ أنكنَّ لستن وحدكنَّ، ففي كل زمان ومكان، هناك من يناضل لأجلكن، من يصرخ بأصواتكنَّ، ومن يكتب ويحارب ويحلم بيوم لا تكون فيه أي امرأة أو فتاة سجينة بيتها، ولا يفرض عليها الصمت والطاعة والخضوع.
نحلم باليوم الذي تتحدثن فيه بأصواتكنَّ، وتعبرن فيه عن قضاياكنَّ بكل حرية. اليوم قد تكون أصواتكن مكبوتة، لكن الغد آتٍ، وغدًا ستتحدثن، ستتحررن، وستسيرن في الشوارع كما تشاءن بلا خوف ولا قيود، بلا مجتمع يفرض عليكنَّ أين تذهبن وماذا تفعلن. ستأتي اللحظة التي سوف تنهار فيها هذه السجون الأبوية، لكن حتى ذلك الحين، لا تستسلمن، لا تتراجعن، لا تسمحن لهم بإقناعكنَّ أن هذا قدركنَّ الأبدي.
فرقان نصيف