الرئيسية 5 الإنتاج المعرفي 5 تقرير جرائم قتل النساء في الأردن كانون أول – ديسمبر 2024

read in English

تقرير جرائم قتل النساء في الأردن كانون أول – ديسمبر 2024

ديسمبر 1, 2024

شهدنا هذا العام للسنة الثانية توقُّف للحديث الواسع عن قضايا قتل النساء على مستوى الأردن، وقضايا العنف ضد النساء عامةً، رغم أن هذه القضايا لا تحظى بتغطيةٍ وافرةٍ من الإعلام المحليّ بطبيعة الحال إلا أننا شهدنا خلال السّنوات السّابقة عملاً جادّاً لتحويلها إلى قضايا رأي عام، إلا أن جرائم مروعةً حدثت هذه السنة يكاد يكون لم يتم ذكرها أو تداولها سوى على نطاق محدود على شكل أخبار عابرة، نرى للعام التالي على التّوالي بأن هذا الغياب للحديث عن جرائم قتل النساء في الأردن، مرتبط بشكلٍ وثيق بجريمة الإبادة الجماعيّة التي يرتكبُها الاحتلال في غزة ولبنان والاعتداءات المتواصلة على العديد من الأقطار العربيّة والإقليميّة، إذ فرض زخم أحداث الحرب الإقليميّة تقليصاً لمساحات مناقشة القضايا المجتمعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة الأُخرى، بالإضافة إلى عُمق أثر الإجرام الصهيونيّ على الوعي الجمعي إذ تضاءلت فيه قيمة حياة الفرد لشدة ما شهدنا من مجازر كبرى وأهوال تُبثّ مباشرةً على الشّاشات.

نتمسك من خلال كتابة هذا التقرير بالإيمان بأن قيمة كل حياة مهمة رغم كل الإجرام من حولنا، وبأننا جميعاً كبشر أفراداً ومجتمعات، نستحق أن نحيا بأمان دون خوفٍ أو ترويع ، ولن نَدعَ أحداً يسلبُنا إيماننا بهذا الحقّ.

في هذا العام فقدنا خمساً وعشرين امرأةً وفتاةً وطفلة بينهنّ امرأتان أقدَمَتا على الانتحار وتعرّضت ثمان نساء أُخريات لمحاولات قتل و تمّ إسعافُهنّ

توزعت الجرائم المرصودة في الإعلام الأردني على مختلف مناطق المملكة وهي كالتالي إحدى عشرة جريمة في محافظة العاصمة، خمس جرائم في محافظة إربد، ثلاث جرائم في محافظة الزرقاء، وجريمةٌ في كلٍ من محافظات المفرق وعجلون وجرش والبلقاء والكرك، وستُّ جرائم لم يُذكر مكان وقوعها على وجه التحديد، قد يرتبط هذا التوزيع بالكثافة السكانية المُختلفة للمُحافظات ولكنّنا نتوقّع أن يكون مرتبطاً أيضاً بما ذكرناه في التقرير السّابق حول المركز والهامش، إذ تزيد احتماليّة رصد الإعلام للجريمة كلما وقعت أقرب إلى المركز، وتزيد قدرة المُجرمين على إخفاء جرائمهم كلما وقعت أبعد عن المركز نحو الهامش خصيصاً مع البُنية الإجتماعيّة العشائريّة الموجودة في المحافظات الأبعد عن المركز التي يمكن أن تميل للتستُّر على ما يحدث داخلها.

 

تعددت طرق القتل إلا أن وحشيّتها تجانست، قُتلَت النساء والفتيات والطّفلات طعناً وخنقاً ودهساً وحرقاً ورمياً بالرصاص وضرباً مستمراً حتى الموت، إلا أن أحكام هذه الجرائم تباينت بحسب قرب الجاني من الضحية وطريقة القتل، إذ ما يزال إسقاط الحق الشخصي قائماً حتى في الجرائم المُرتكبة داخل العائلة، ما يخلق تعارضاً في المصالح بين الضحية ومن يملك الحق في إسقاط الحق الشخصي، فضلاً عن حكم الضرب المفضي إلى الموت إذ حصل أحد الجناة على حكم بالسجن لإثني عشرة عاماً وآخر على حكم بالسجن لسبعة أعوام رغم ارتكابهما لجرائم تعذيب بشعة بحق الضحيتين، أدّت إلى موتهما إثره، رغم أننا لا نؤمن بالعقاب كحلٍّ لقضيّة قتل النساء، إلا أننا ننظر إلى الوزن الثقافي الذي تحمله هذه الأحكام وأهمية النظر إلى جرائم قتل النساء بوصفها جرائم كراهية مستمرة لا جرائم  لحظيّة مُنفصلة. 

عنفٌ يطالُ كلّ الإناث

شهدنا خلال هذا العام جرائم طالت طفلاتٍ رضيعات وأخرى طالت أمهاتٍ على أيدي أبنائهنّ، وجرائم وقعت في الشارع العام؛ إذن فلا حصانة لأنثى أياً يكون عمرها أو مكانتها الاجتماعية أو مكان تواجدها، في غرفة نومها كما في الشارع العام الإناث مُهدّداتٌ بالعنف والقتل، نرى في هذا التهديد انعكاساً لضعف منظومة الحماية، ففي إحدى الجرائم التي رُصدَت وكما ورد في الخبر أن امرأةً تزوجت من رجلٍ عربيّ وسافرت إلى بلده مع رفض أهلها لهذا الزواج، أبلغت العائلة عن تغيُّبها عن المنزل ثم قاموا باستدراجها لتعود إلى البلاد، لدى وصولها مُنع زوجها من الدخول إلى البلاد وتحفّظت عليها حماية الأسرة ليسلّمها مُحافظ البلقاء لاحقاً لوالدها بعد كتابته تعهُّداً، لتُقتل بعدها هي وجنينها على يد شقيقها رمياً بالرصاص، هذه ليست المرة الأولى التي تلاحق فيها امرأة ويتم احتجازها بحجّة حمايتها ثم تُسلَّمُ إلى قَتَلتها، ما يشير إلى ضرورة إعادة النظر في الدور الذي تلعبه منظومة الحماية القائمة والتفكير بتغييرات جذريّة تضع وقف العنف ضد النساء ووقف جرائم قتل النساء في صلب التفكير والتخطيط للبُنى الاجتماعيّة والمؤسساتيّة والقانونيّة.  

ختاماً، الرحمة لأرواح  جميع النساء الّلواتي فقدناهُنّ والنّجاة لجميع النساء، ننوّه أننا ننشر هذا التقرير رفضاً للتعاطي مع جرائم قتل النساء كحوادث فرديّة مُنفصلة وتأكيداً على كونها نتيجةً حتميّةً للعُنف المُمنهَج المُسلّط على النّساء، ونلتزم بنشره بشكلٍ دوريّ؛ لأنّ حياة النّساء مُهمّة مهما زاد القهر والعنف والإجرام من حولنا.

نود مقابلتك شخصيًا أو عبر الإنترنت

انضمي لنا