الرئيسية 5 الإنتاج المعرفي 5 التقرير الخامس لجرائم قتل النساء في الأردن أيلول – سبتمبر 2024

read in English

التقرير الخامس لجرائم قتل النساء في الأردن أيلول – سبتمبر 2024

سبتمبر 15, 2024

لا حصانة لأي امرأة ولو كانت أُمّاً، وصل ثلاث جرائم قتل إلى الإعلام خلال الأشهر الثلاثة الماضية،راحت ضحيتها أمّهات على أيدي أبنائهنّ، في إحدى هذه الجرائم تلقّت السيّدة 40 طعنة موزّعة على جسدها في محافظة الكرك، وفي أخرى تناقلت الأخبار أن الجريمة تمّت عن طريق الخطأ  في ما كان الإبن ينظّفُ سلاحه، يا لحظّ النساء العاثر إذ لا ينظف الرجال أسلحتهم إلا بقربهن، ليَمُتنَ في كلّ مرةٍ برصاصات طائشة.  

هذه ليست الجرائم الأولى التي تقتل فيها النساء على أيدي أبنائهن، إلا أنها ثلاث جرائم حدثت في نفس الفترة دون أن تفتح أي منها الباب لمناقشتها في الفضاء العام، بل ومرّت كأخبار يومية عابرة، ومثلها مرّ خبر مقتل وصال على يد والدها في الشارع العام بعدّة .رصاصات؛ ذكّرتنا جريمة قتل وصال بجريمة قتل أحلام في الشارع العام قبل أربع سنوات على يد والدها، إلا أن جريمة قتل أحلام قد أثارت الرأي العام قليلاً واستفزّته بصرخاتها، بينما مرّ خبر مقتل وصال عابراً دون اسم أو هوية.

إذن فلا حصانة للنساء لا بمكان ولا بمكانة اجتماعية، ولا شيء تغيّر عبر الأعوام الأربعة، هذه الاستباحة لحياة النساء في المساحات العامة والخاصة، من أقراب وغرباء،  لا تؤخذ كتهديدٍ لأمن النساء جميعاً، كما هي في الواقع، إذ تشعل الرعب في أنفس نساءٍ يعشنَ تحت وطأة التعنيف، لتكون جرائم القتل رادعاً للنساء عن عيش حياةٍ حرّةٍ وكريمة، وإخضاعاً لهنّ للعيش تحت إمرة المُعنِّف.

إن نوعية جرائم القتل وشدّتها وتكرارها يؤكد على عمق ثقافة كره النساء، كما يؤكد فشل منظومة العقاب والحماية في إيقافها بسبب تعاملها مع الجرائم كحالاتٍ فرديّة، أو وضع “الإدمان” و”الخلافات الأسرية” و”القتل عن طريق الخطأ” كأسباب لها مع تجاهل الجذور الثقافية لكره النساء التي تؤدي في نهاية المطاف لاسترخاص حيواتهنّ وقتلهنّ.

في الحديث عن جرائم القتل التي وصلت إلى الإعلام نحن لا نعرف كمّ الجرائم التي لم ولن تصل إلى الإعلام والنساء اللواتي يُقتَلن دون أن يعلم أحدٌ قصصهنّ أو أسمائهنّ، لكننا نعلم أنهنّ موجودات، نستدلّ على وجودهنّ من القصص التي ترويها النساء عن صديقاتٍ وزميلاتٍ وجاراتٍ وقريباتٍ لم يعدن موجوداتٍ بيننا ولم يذكرهنّ أحد، كما نستدل على وجودهن من رفيقاتنا اللواتي يعملن في البحث الميداني ويسمعن قصصاً عن نساء قُتلنَ هنا وهناك، تقول إحدى الرفيقات “كلما كانت المرأة أبعد عن المركز، زاد احتمال أن تُقتل وتُدفن دون أن نعرف عنها شيئاً، سواءً كنا نتحدث عن العاصمة مقارنةً بالمحافظات أو مراكز المحافظات مقارنةً بقُراها” فالبعد عن المركز يعني تهميشاً إعلامياً وتستراً اجتماعياً على المجرم،  كما نستدلّ من الأخبار التي قد نجدها في مواقع إخبارية أقل موثوقيّة في حين لا نجدها في مواقع ومنصات أكثر موثوقية، ونستدل من التهديدات التي تصل إلى النساء اللواتي يعملن على قضايا العنف ضد النساء للضغط عليهنّ لمسح قصة أو رسالة أو اسم، ونعلم من هذه المشاهدات أن هؤلاء النساء لم تُخفَ قصصهنّ وأسمائهنّ خطأً بل عمداً، كجزءٍ من قتلهنّ ومحوهنّ الماديّ والمعنويّ ما يجعل من واجبنا استذكارهنّ، ونقل ما يصل إلينا من قصصهنّ، والتأكيد المستمرّ على أن جرائم قتل النساء والفتيات على أساس نوعهن الاجتماعي لم ولن تكون مجرد حالاتٍ فردية بل انعكاساً فجّاً للوضع الاجتماعي والاقتصادي والقانوني الذي تعيشه النساء في مجتمعاتنا. 

أثر جـرائم الاحــتلال مســــتمر 

ما يزال أثر جرائم الاحتلال وما تخلقه من تدنٍ لقيمة حياة الفرد في الوعي الجمعي أمام كثافتها التي تحدثنا عنه في تقارير سابقة حاضراً، مما يجعل كل جهدٍ آخر تجاه أي قضية أخرى يبدو منفصلاً عن الواقع، فيسهم ذلك في جعل جرائم بشعةٍ وفجّة تمرّ دون أي حديثٍ عنها، ما يعيد العمل على هذه القضايا إلى الوراء؛ فإذا كان مقتل أحلام في الشارع استدعى غضباً شعبياً ووقفةً في الشارع، فقد عطلت جرائم الاحتلال مراكمة هذا الفعل وجعلت مقتل وصال بنفس الطريقة حدثاً عابراً لا يتحدث عنه الأردنيين/ات، فلا الشارع الغاضب منذ ما يقارب العام، ولا حتى الفضاء الرقمي الذي تتصدّره يومياً صور جديدة للإجرام الصهيوني المتزايد، يتّسعان لهذا الحدث.

ختاماً بلغ عدد جرائم القتل التي رصدناها في الإعلام منذ بداية العام حتى الآن تسع عشرة جريمة قتل وحالتي انتحار راح ضحيتها ثلاث عشرة امرأة وست طفلات 

الرحمة لأرواحهن جميعاً والنجاة لجميع النساء، ننوه أننا ننشر هذا التقرير رفضاً للتعاطي مع جرائم قتل النساء كحوادث فردية منفصلة وتأكيداً على كونها نتيجة حتمية للعنف المُمنهج المسلّط على النساء، ونلتزم بنشره بشكل دوري؛ لأن حياة النساء مهمة مهما زاد القهر والعنف والإجرام من حولنا. 

نود مقابلتك شخصيًا أو عبر الإنترنت

انضمي لنا